للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿كَمَاءٍ﴾ هو كماءٍ ﴿أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ﴾، أي: بالماء، والباء للسببيَّة؛ أي: فالتفَّ بسببه وخالط بعضُه بعضاً من كثرته وتكاثفه، ويجوز أن تكون للتَّعدية؛ أي: نجع في النبات حتى رَويَ ورفَّ (١).

وحقُّ هذه الباء أن تدخل في أقل المخلوطَيْن، وسلك هنا مسلك القلب؛ للمبالغة في كثرة الماء.

﴿فَأَصْبَحَ﴾؛ أي: أتى أمر الله، على ما أفصح عنه في سورة يونس ، فالفاء فصيحة، نكتتها الإشعار بسرعة الزَّوال.

﴿هَشِيمًا﴾: متكسِّراً (٢) من اليبس متفتِّتاً ﴿تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ﴾: تفرِّقه، وقرئ: (تُذْريه) (٣)، والتَّشبيه تمثيليٌّ، شبَّه الهيئة (٤) المنتزعة من أحوال الدنيا بالهيئة المنتزعة من أحوال النَّبات (٥)، إلَّا أن إيلاء أداة التَّشبيه بالماء لا يخلو عن نوع إشعارِ شَبَهِ الدُّنيا بالماء في أنَّ قليله يَروي وكثيرَه يُردي، كما ورد في الخبر قال : "ذرِ الدُّنيا وخذ منها كالماء؛ فإنَّ القليل منها يكفي، والكثيرَ منها يُطغي" (٦).

﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الإنشاء والإفناء ﴿مُقْتَدِرًا﴾: قادراً.


(١) (نجع): دخل، من النجعة وهي الارتحال والحركة - وليس هنا بمعنى: نفع، من قولهم: نجع فيه الدواء إذا نفعه - وإذا دخل فيه فقد خالط أجزاءه حقيقة، و (روي) كرضي؛ أي: تمّ شربه، و (رفَّ) بمعنى: تحرك بلطف لرطوبته ونضرته. انظر: "حاشية الشهاب" (٦/ ١٠٥).
(٢) في (ف) و (م): "منكسراً".
(٣) نسبت لابن عباس . انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٧٩).
(٤) في (م): "والتشبيه تمثيل الهيئة".
(٥) في (ك) و (م): "النباتات".
(٦) انظر: "تفسير القرطبي" (١٣/ ٢٨٩).