للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حاجة إلى ما قيل: لا ليعرفهم، بل ليأمرَ فيهم (١)، إنَّما الحاجة إليه إذا شُبِّهَتْ حاله تعالى بحال السُّلطان المعروض عليه جندُه.

﴿صَفًّا﴾ مفردٌ ينزَّل منزلة الجمع؛ أي: صفوفاً؛ لِمَا ورد في الحديث الصحيح: "يَجمع الله الأوَّليْنَ والآخرِيْنَ في صَعِيْدٍ واحدٍ صُفوفاً" (٢). ومَن غفل عن هذا قال: مصطفِّين ولا يحجب أحدٌ أحداً.

﴿لَقَدْ جِئْتُمُونَا﴾ معمولٌ لقولٍ محذوفٍ تقديرُه: وقلنا، وهو حالٌ، ولا يجوز أن يكون عاملاً في ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ﴾ لِمَا عرفْتَ أنَّه قبل الحشر، وهذا القول بعدَه.

﴿كَمَا خَلَقْنَاكُمْ﴾ نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ؛ أي: مجيئاً مثلَ مجيء خلقكم.

﴿أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾؛ أي: "حفاةً عراةً غُرْلاً"؛ كما ورد في الحديث (٣).

وقيل: عراةً لا شيء معكم من المال والولد؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الأنعام: ٩٤].

﴿بَلْ﴾ للإضراب بمعنى: الانتقال من كلام إلى كلام ليس بمعنى الإبطال.

﴿زَعَمْتُمْ أَلَّنْ﴾ (أنْ) مخففَّة من الثَّقيلة، وفُصل بينها وبين الفحل بحرف النفي كما فُصل في قوله: ﴿أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ﴾ [القيامة: ٣].


(١) قوله: (ليعرفهم) مضارع عرف منصوب، أو مصدر من التعرُّف مجرور، بيان لأن العرض قد يكون لتعرّف السلطان جنده، وقد يكون لتنفيذ أمره، والمقصود التشبيه بالاعتبار الثاني. انظر: "حاشية الشهاب" (٦/ ١٠٧).
(٢) رواه البخاري (٣٣٦١)، ومسلم (١٩٤)، من حديث أبي هريرة .
(٣) رواه البخاري (٣٣٤٩)، ومسلم (٢٨٦٠)، من حديث ابن عباس .