للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن يؤمَر بتركه، ومنه أَمِرَ القوم: إذا كثروا، أي: احتاجوا إلى مَن يأمرهم وينها هم، ومنه الأمر من الأمور، أي: الشَّيء الذي من شأنه أن يؤمَر فيه، ولهذا لم يكن كلُّ شيء أمراً، ومن هنا (١) ظهر وجه إيثار ﴿شَيْئًا﴾ على (أمرًا) مع ما فيه من صنعة الجناس.

ولو كان الأمر هنا بمعنى العظيم - كما قيل - لروعي حسنُ التناسب (٢) لفظًا، وقيل: أمرًا إمرًا؛ لعدم المانع من جهة المعنى حينئذ.

* * *

(٧٢) - ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾.

﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ ظاهره تذكير للقول السابق، وباطنه تقرير لصعوبة الصَّبر معه، وإشارة إلى منكَر ارتكبه موسى ، وهو عدم محافظته الوعد، فكأنَّه قصد المعارضة، ولهذا ضمَّنَ كلامه الاعتذار عن ذلك، على ما أفصح عنه قوله تعالى:

(٧٣) - ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾.

﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ من أمري؛ أي: بسبب نسياني.

والمؤاخذة على ترك التَّحفُّظ لا على النِّسيان؛ لأنَّه غير مقدور، ولذلك لم يقل: على ما نسيْتُ، فكأنَّه قال: ما صدر عنِّي ما صدرَ إلَّا بسبب أمرٍ غير مقدور، وصيغة النَّهي كقرينها قد تجيء للالتماس، وهو المناسب للمقام.

﴿وَلَا تُرْهِقْنِي﴾ الإرهاقُ: إدراك الشَّيء ممَّا يغشاه، ومنه: غلام مراهق: إذا قارب أن يغشاه حالُ البلوغ.


(١) في (ك) و (م): "هاهنا".
(٢) في (ف): "التأديب".