للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

و: (ذَكِّر) على الأمر (١)، وهذا صريحٌ في عدم اتصاله بما قبله، فالوجه أن يُعرب الباقون موافقًا لهذا؛ لأن الأصل في القراءات التوافق.

﴿عَبْدَهُ﴾ مفعول الرحمة، أو الذكر، على أن الرحمة فاعلُه على الاتِّساع، كقولك: ذَكَرني جودُ زيد.

﴿زَكَرِيَّا﴾ بدل منه، أو عطف بيان له.

* * *

(٣) - ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾.

﴿إِذْ﴾ ظرف للرحمة، دلالةً على أن وقت ندائه هو وقت رحمة ربِّه لم يتخلَّف عنه.

﴿نَادَى رَبَّهُ﴾ النداء قد يُستعمل في مطلَق الخطاب، كما في قوله: ﴿فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا﴾ [مريم: ٢٤] فلا تَنافيَ في قوله: ﴿نِدَاءً خَفِيًّا﴾ بين الصفة والموصوف.

أي: دعا دعاءً سرًّا (٢)؛ لأن (٣) الإسرار والجهر (٤) عند الله سِيَّان، وعندنا الإسرارُ أبعدُ من الرياء وأقرب إلى الصفاء، وأخفاهُ لئلا يُلام على طلب الولد في أوانِ الكِبَر، فإنه كان حينئذٍ متجاوزًا إلى الهَرَم، على ما دلَّ عليه قوله: ﴿وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾.


(١) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٨٦) ونسبها ليحيى بن يعمر.
(٢) في (م): "مسرًّا".
(٣) في (ف) و (ك): "لا أن ".
(٤) في هامش (س) و (ف): "من قال: لأن الإخفاء والجهر، كأنه غافل من أن مقابل الإخفاء الإعلان دون الجهر فإنه مقابل الإسرار. منه". وفيه رد على البيضاوي في قوله: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾ لأن الإِخفاء والجهر عند الله سيان).