للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَيَوْمَ يُبْعَثُ﴾ مطلق البعث يعمُّ ما في القبر، إلا أنه حينئذٍ لا يُطلَق عليه الحيّ، فقوله: ﴿حَيًّا﴾ لتعيين بعث الآخرة (١).

قال ابن عيينة (٢): أوحشُ ما يكون الخلق في ثلاثة مواطن: يوم ولد، ويوم يموت، ويوم يُبعث (٣). فهذه فجاءات ثلاث، لا فجاءةَ أعظمُ منها، ويحيى يُحيَّى بالسلام (٤) في هذه المواطن العظام.

* * *

(١٦) - ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا﴾.

﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ﴾؛ أي: القرآن ﴿مَرْيَمَ﴾ يعني: قصَّتها.

﴿إِذِ﴾ ظرف لمضاف مقدَّر، وقيل: (إذ) بمعنى (أَنْ) المصدرية، وتقديره: واذكر مريم انتباذَها، على أن (انتباذَها) بدلٌ من ﴿مَرْيَمَ﴾.

وأما ما قيل: إنه بدل من قصَّةِ مريم بدلَ الاشتمال لأن الأحيان مشتملة على ما فيها، أو بدلَ الكُلِّ لأن المراد من الظرف الأمر الواقع فيه= فلا يَرِدُ عليه أنَّ الزمان إذا لم يكن خبرًا عن الجثَّة ولا حالًا منها ولا وصفًا لها لا يكون بدلًا منها.

﴿انْتَبَذَتْ﴾؛ أي: انفردت وقعدت نبذةً، أي: ناحيةً؛ وهذا إذا جلس قريبًا منك حتى لو نبذتَ إليه شيئًا وصل إليه، ولذلك احتاجت إلى ضرب الستر بينها وبينهم (٥)، ويُرشِد إلى هذا قولُ: ﴿مِنْ دُونِهِم﴾.


(١) في (م): "لتعيين البعث ".
(٢) قوله: "قال ابن عيينة" من (م)، وهو الموافق لما في "تفسير القرطبي".
(٣) انظر: "تفسير القرطبي" (١٣/ ٢٧ و ٤٢٧)، والخبر رواه البيهقي في "الزهد الكبير" (٥٩٨).
(٤) في (ف): "ويحيى عليه بالسلام ".
(٥) في هامش (ف) و (م): "فيه ردٌّ لما في التيسير من أنه للاستتار من الشمس. منه ".