للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا﴾ انتصابه على تضمين الانتباذ معنى الإتيان، أو على الاتِّساع.

﴿شَرْقِيًّا﴾ شرقيَّ بيت المقدس، أو شرقيَّ دارها، ولذلك اتخذ النصارى المشرقَ قبلةً.

* * *

(١٧) - ﴿فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾.

﴿فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا﴾: سترًا تستَّرت به عن أهلها؛ بدلالة قوله: ﴿مِنْ دُونِهِمْ﴾.

قيل: قعدت في مَشْرقة (١) للاغتسال من الحيض، فاحتجبت بشيء يسترها.

﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا﴾؛ أي: جبرائيل ، والإضافة للتشريف.

﴿فَتَمَثَّلَ لَهَا﴾؛ أي: تصوَّر لمريم ﴿بَشَرًا سَوِيًّا﴾ معتدل الخَلْق، حَسَن الصورة (٢)، وإنما مثّل كذلك لا للاستئناس بكلامه وتهييج شهوتها فتنحدرَ نطفتها إلى رَحِمها، إذ حينئذٍ لا يكون مَثَلُه كمَثَل آدم في الخَلْق بلا واسطةِ نطفة، بل لئلَّا تنفرَ عنه، فتسمع كلامه وتُبتلى به فتظهر عفَّتها.

ولمَّا رأت رجلًا قد دخل عليها فجأةً في الخلوة، ظنَّت أنه يريدها بسوء، وعلمت أنها لا تقدر على دفع ذلك، فاستعاذت بالله:

(١٨) - ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾.


(١) مثلثة الراء: محل شروق الشمس والقعود فيه شتاء. انظر: "حاشية الشهاب" (٦/ ١٤٩).
(٢) في هوامش (س) و (ف) و (م): "السوي يقال فيما يصان عن الإفراط والتفريط من حيث القدر والكيفية، ذكره الراغب. منه".