للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ﴾ استئناف على تقدير سؤال، وفي ذكر الرحمن تذكيرٌ ليوم الجزاء، فإنه تعالى رحيم الدنيا ورحمن الآخرة.

﴿إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾ تتَّقي الله وتخشاهُ فلا تَقْرَبني، فحذف الجزاء لدلالة الحال عليه، وهذا كقول القائل: إن كنت مؤمنًا فلا تَظلمني، أي: ينبغي أن يكون إيمانُك مانعًا لك من الظلم (١).

* * *

(١٩) - ﴿قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا﴾.

﴿قَالَ﴾ جبريل: ﴿إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ﴾ في عبارة الرسول إشارة إلى أن توسُّطه في الخبر دون الأَثَر، وأتى بالرَّبِّ مضافًا إليها؛ لنوعٍ من الدلالة في أول الكلام على أن الرسالة لإيصالِ النعمة والإحسان الخاصِّ بها من بين العباد، ولما كان في مفهوم الخبر باعتبار هذا المعنى مظنَّةُ الاستبعاد أكَّده بـ: ﴿إِنَّمَا﴾.

﴿لِأَهَبَ لَكِ﴾ حكاية لقول الله تعالى، دلَّ على ذلك قراءة: ﴿ليهب﴾ بالياء (٢)، ويناسبه وصف الرسالة، وفي عبارة الهبة إشارة إلى أن ما أعطيَ لها يصل إليها بسهولة.

﴿غُلَامًا﴾ قد مرَّ ما فيه من وجوه البشارة.


(١) في هامش (س) و (ف) و (م): "المقام مقام الحثِّ على الانزجار، فالوجه ما ذكرنا، لا ما قيل: إن كنت تقياً فإني أعوذ منك، فكيف إذا لم تكن كذلك. منه ".
(٢) قراءة أبي عمرو، وورش عن نافع، والحلواني عن قالون عن نافع. انظر: "التيسير" (ص: ١٤٨)، و"النشر" (٢/ ٣١٧).