للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الظَّالِمِينَ فِيهَا﴾ حيث قال: ﴿وَنَذَرُ﴾، ولم يقل: ونُدخِل، ولا ينافيه قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ﴾ الآية [الأنبياء: ١٠١] لأن معناه: أنَّهم مُبعَدون عن النار لا عن موضعها، وهم كذلك، فإنَّهم يمرُّون والنار خامدةٌ على ما ورد في الخبر (١)، ولذلك لا يسمعون حسيسها، وفائدة إدخالهم النار تشديدُ الحسرة على الكفار.

﴿كَانَ﴾ ورودهم ﴿عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا﴾ الحَتْم: القَطْع بالأمر، وذلك حكمٌ من الله قاطع، والمقضيُّ: الذي قضى بأنه يكون، ولمَّا كان المتبادِر إلى الوهم من قوله: ﴿كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا﴾ الوجوب على الله، زِيْدَ قوله: ﴿مَقْضِيًّا﴾؛ دفعًا لذلك الوهم، بما فيه من الدلالة على أن ما ذُكر أَثَرُ قضائه تعالى، فيكون الكلام المذكور مستعارًا لمعنى اللزوم الناشئ عن القضاء المُبرَم، فلا وجوب ولا إيجاب لا من ذاته تعالى ولا من غيره.

* * *

(٧٢) - ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾.

﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ الكفرَ، فيُساقون إلى الجنة.

﴿وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ﴾: ونَدَعُ الكافرين ﴿فِيهَا جِثِيًّا﴾ جاثِين على الرُّكب للتخاصم، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾ [ص: ٦٤] وقال: ﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ﴾ [غافر: ٤٧] فلا دلالة فيه على أن المرادَ الوردُ والجثوُّ حواليها.

* * *


(١) روى ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٥٤٢٩) عن خالد بن معدان أنه قال: إذا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ قالوا: ربنا أَلَم تعدنا أن نرد النار؟! قال: بلى، ولكنكم مررتم عليها وهي خامدة.