للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قيل: لَمَّا ألقاها انقلبَتْ حيَّة صفراء بغلظ العصا، ثمَّ تورَّمت وعظمَتْ، فلذلك سمَّاها جانًّا تارةً نظرًا (١) إلى المبدأ، وثعبانًا مرَّة باعتبار المنتهى، وحيَّة أخرى بالاسم الذي يعمُّ الحالَيْن.

وكأنَّ هذا القائل غافل عن عبارة ﴿كَأَنَّهَا﴾ في قوله تعالى: ﴿كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾؛ لأنها صريحة في التَّشبيه وعدم كونها جانًّا حقيقة.

* * *

(٢١) - ﴿قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى﴾.

﴿قَالَ خُذْهَا﴾: تناوَلْها بيدك ﴿وَلَا تَخَفْ﴾ الخوفُ: انزعاج النَّفس بتوقُّع الضَّرر.

لَمَّا رأى موسى ذلك الأمرَ العجيب (٢) الهائل مَلَكه من الفزع والنّفار ما يملك البشر عند الأهوال والمخاوف، فهرب منها كما أخبر عنه تعالى بقوله: ﴿وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ [النمل: ١٠]، فأمره الله تعالى بالإقدام على أخذها، ونهاه عن أن يخاف منها.

وقيل (٣): لَمَّا قال له ربُّه: ﴿وَلَا تَخَفْ﴾ بلغ من الأمن وطمأنينة النَّفس إلى (٤) أن أدخل يده في فمها وأخذ بلَحْيها (٥)، كأنَّه ضمَّن صيغةَ التَكليف صيغةَ (٦) التَّكوين،


(١) في (ف): "نظر".
(٢) في (ف): "العجب".
(٣) "قيل": ليست في (م).
(٤) "إلى" سقطت من (ك) و (م) و (س).
(٥) في (ك): "بلحييها".
(٦) في (س): "صنع".