للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِنَّهُ طَغَى﴾ جاوزَ حَدَّ العبودية إلى دعوة الربوبيَّة، تعليلٌ لوجوب الذَّهاب إليه، وتحذيرٌ له من بطشه، وتنبيهٌ على صعوبة ما ابتُلِيَ به، ليتلقاه بجميل الصَّبر وحسن الثَّبات، ولهذا التجأ إليه في طلب التَّيسير والتَّأييد وتفسيح الصَّدر والتَّشجيع:

(٢٥ - ٢٦) - ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾.

﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾ على الإبهام بإيراد ﴿لِي﴾ بعد الفعْلَيْنِ، والتَّوضيح بذكر الصَّدر والأمر، للتَّأكيد والمبالغة في طلب الشَّرح والتَّيسير.

* * *

(٢٧) - ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي﴾.

﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي﴾ كان في لسانه رُتَّةٌ (١)؛ لِمَا رويَ: أنَّ فرعونَ حمله يومًا، فأخذ بلحيته - وكانت مرصَّعة بالجواهر - ونتفها جاذبًا ببعض (٢) ما فيها من اليواقيت، فغضبَ وأمر بقتله، فقالت آسية : إنَّه صبي لا يفرِّق بين الجمر والياقوت، فأُحْضِرا بين يديه، فأخذ الجمرة ووضعها في فيه، فاحترق لسانه، فصار لكنته منها (٣) (٤).


(١) رجل أرَتُ: في لسانه رُتَةٌ، وهي عجلة في الكلام، وعن المبرِّد: هي كالرَّتْجِ تمنع الكلام، فإذا جاء منه شيء اتصل، وهي غريزة تكثر في الأشراف. انظر: "المغرب في ترتيب المعرب" (باب الراء مع التاء الفوقانية) (ص: ١٨٢).
(٢) في (ف): "لبعض".
(٣) بنحوه رواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٥٤) عن السدي.
ورواه بمعناه النَّسَائِيّ في "السنن الكبرى" (١١٢٦٣)، وأبو يعلى في "مسنده" (٢٦١٨) عن ابن عباس .
(٤) في هامش (ف): "وهذا أولى مما ذكره القاضي من كون تبييض يده لذلك. منه".