للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ﴾: بمعجزةٍ عظيمةٍ، وصحة التشبيه في قوله:

﴿كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ﴾ من حيث إنَّه في معنى: كما أتى الأوَّلون بالآيات العظيمة كاليدِ والعصا وإحياء الموتى وإبراء الأكمَهِ؛ لأنَّ إرسالَ الرُّسلِ متضمِّنٌ للإتيان بها. هذا إذا كان (ما) مصدرَّيةً، وأمَّا إذا كانت موصولة، والمعنى: كالتي أرسل بها الأوَّلون، فالتَّشبيه على ظاهره (١).

* * *

(٦) - ﴿مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ﴾.

﴿مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ﴾ أراد بالقرية: أهلَها، فالإيجاز من جهة المجاز لا من جهة الحذف، ولذلك قال في التَّوصيف:

﴿أَهْلَكْنَاهَا﴾ دون (أهلكناهم)، يريد (٢): إهلاكهم عند إنكارهم ما اقترحوا من الآيات لَمَّا جاءتهم.

﴿أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ﴾ عند إتيانها، وفي إيلاء الهمزة فاءَ التَّعقيب إنكارُ إيمانهم بعدما لم يؤمن أولئك؛ لأنَّ هؤلاء أعتى منهم وأشدَّ عناداً وتعنُّتاً، فلو أتوا بما يقترحون لكانوا أعصى منهم وأشدَّ كفراً، وتنبيهٌ على أنَّ عدم الإتيان (٣) بما اقترحوا إبقاءٌ عليهم؛ إذ لو أتوا به لم يؤمنوا، واستوجبوا عذاب الاستئصال كمَنْ قبلَهم.

* * *


(١) في هامش (ف): "فيه رد للقاضي، حيث فسَّر الكلام على الثَّاني، وأوَّل التَّشبيه على الأوَّل، فتأمَّل. منه".
(٢) في (ف) و (ك) و (م): "يريدون"، والمثبت من (س).
(٣) في (ك): "الإيمان".