للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه واضحاً، فلا تكاد تمر بصحيفةٍ إلا وتجد فيها ذكراً للزمخشري، إمَّا مُقِرًّا أو محسِّناً أو متعقِّباً، عدا عن كثير مما نقله عنه مختاراً لكن دون تصريحٍ به.

وقد بيَّن السيوطيُّ مكانة هذا الكتاب فقال: اشتَهر في الآفاق اشتهارَ الشمس، وجُهر به في محافل الفضلاء من غير همس، واعتنى الأئمةُ والمحقِّقون بالكتابة عليه، وتسارَع العلماء والفضلاء في المناقشة والمنافسة إليه، فمِن مميِّزٍ لاعتزالٍ حادَ فيه عن صَوْبِ الصَّواب، ومن مناقشٍ له فيما أتى به من وجوه الإعراب، ومن مُحَشٍّ وضَّح ونقَّح، وتمَّم ويمَّم، وفسَّر وقرَّر، وحبَّر وحرَّر، وجال وجاب، واستشكل وأجاب، ومن مخرِّج لأحاديثه عزا وأسند، وصحَّح وانتقد، ومن مختصرٍ لخَّص وأوجز، وكمَّل ما أَعْوز (١).

قال: وسيِّد المختصرات منه كتاب "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" للقاضي ناصر الدِّين البيضاويّ، لخَّصه فأجاد، وأتى بكلِّ مستَجاد، وماز منه أماكن الاعتزال، وطرح مواضعَ الدسائس وأزال، وحرَّر مُهِمَّات، واستدرك تَتِمَّات، فبرز كأنه سبيكةُ نُضَار، واشْتَهَرَ اشتهارَ الشمس في وسط النهار، وعَكَفَ عليه العاكفون، ولَهِجَ بذكر محاسنه الواصفون، وذاق طعم دقائقه العارفون، فأكبَّ عليه العلماء والفضلاء تدريساً ومطالعةً، وبادروا إلى تلقِّيه بالقبول رغبةً فيه ومسارعةً، ومرُّوا عليه طبقةً بعد طبقة، ودرجوا عليه من زمن مصنفه إلى زمن شيوخنا متَّسِقة (٢).


(١) انظر: "نواهد الابكار" (١/ ٨ - ٩).
(٢) المصدر السابق (١/ ١٣).

<<  <  ج:
ص:  >  >>