للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ وصف ربَّه بغاية الرَّحمة بعدما وصفَ نفسَه بما يوجبها، واكتفى بذلك عن عرض المطلوب؛ رعايةً لحسن السُّؤال ولطفه، وقضاءً لحقِّ الأدب.

وكان روميًّا من ولد عيص بن إسحاق ، استنبأه الله تعالى، وكثر أهله وماله، فابتلاه الله تعالى بهلاك أولاده، وذهاب أمواله، والمرضِ في بدنه ثماني عشرةَ سنة، وقالت له امرأته يوماً: لو دعوْتَ اللهَ تعالى، فقال لها: كم كانت مدَّة الرَّخاء؟ قالَتْ: ثمانين سنة، فقال: أنا أستحي (١) من الله تعالى أن أدعوَه وما بلغَتْ مدَّةُ بلائي مدَةَ رجائي (٢).

* * *

(٨٤) - ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾.

﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ﴾ عظيمٍ بالشِّفاء من مرضه.

﴿وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ﴾ لَمَّا كشفَ اللهُ تعالى عنه أَحْيَى ولدَه بأعيانهم، ورزقَه مثلَهم معهم (٣).

﴿رَحْمَةً﴾ على أيُّوب ﴿مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾: وتذكرةً لغيره من العابدين،


(١) في (ك): "أستحيي"، وكلاهما صواب.
(٢) انظر: "الكشاف" (٣/ ١٣١).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٣٦٦ - ٣٦٧) عن ابن مسعود وابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة. وخبر ابن مسعود ضعيف لانقطاعه؛ لأنَّه من رواية الضحاك عنه، وخبر ابن عباس ضعيف جدًّا لضعف رواته.