للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتنوين ﴿رَيْبٍ﴾ للتَّحقير والتَّقليل، ولذلك جيء بكلمة الشَّكِّ؛ أي: اتَّضح دليله، فإنْ بقيَ فيكم أدنى ريبٍ فالنَّظر في بدءِ خلقكم يزيلُه (١).

﴿فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾ كخلقِ آدم منه، أو من الأغذية المتكوِّنة منه.

﴿ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ﴾ وهي الماء القليل، من النَّطْفِ: وهو الصَّبُّ، والمراد: المنيُّ.

﴿ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ﴾: قطعةٍ من الدَّم الجامد.

﴿ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ﴾ وهي اللَّحمة الصَّغيرة قَدْرَ ما يُمْضَغُ.

﴿مُخَلَّقَةٍ﴾ يُقال: خَلَّق العودَ: إذا سوَّاه وملَّسه، من قولهم: صخرةٌ خَلْقاءُ: إذا كانت ملساءَ.

﴿وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ﴾ أي: مسوَّاةٍ وغيرِ مسوَّاةٍ؛ كأنَّ اللهَ تعالى خَلَق المُضَغ متفاوتةً (٢) في التَّسوية والتَّعديل، فتبع ذلك تفاوتُ النَّاس في الصُّورة والقامة والشَّكل والتَّمام والنَّقص.

أو: مصوَّرةٍ وغيرِ مصوَّرةٍ، أو: تامَّةٍ وناقصةٍ (٣).

﴿لِنُبَيِّنَ لَكُمْ﴾ بهذا التَّدريجِ قدرتَنا وحكمتنا، وأنَّ مَن قدرَ على تغييره وتصويره أوَّلاً قدر على ذلك ثانياً، بل هذا أهون عند العقل وأدخلُ في المقدورَّية، وإطلاق التَّبيين غير متعدٍّ إلى مفعولٍ؛ إيماءً إلى أنَّ أفعاله هذه يُتبيَّن بها من قدرته وحكمته ما لا يَدخل تحت الذِّكْرِ ولا يُوْصَفُ.


(١) في (س): "مزيله".
(٢) في (ك) و (م): "متفاوتاً".
(٣) في (س): "وساقطة".