للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٠) - ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾.

﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ﴾: إشارةٌ إلى الخزيِ والعذابِ، وغيَّر النَّظمَ بالالتفات إلى الخطاب، وأتى بلفظ البعيد؛ للتَّنبيه، وتعظيمِ الموعَدِ به وتهويله، والإيماءِ إلى تفاقم الخَطْبِ، وإلى أَنَّه بسبب ما اقترفه من الكفر والمعاصي.

﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ عطف على ﴿بِمَا﴾، أي: وبأنَّ الله تعالى؛ يعني: أنَّ العدلَ هو الذي (١) اقتضى ذلك، لا الظُّلمَ، ولفظ المبالغة لأنَّ قليلَ الظُّلم منه مانعٌ مع علمه بقبحه واستغنائه كالكثير منَّا، وللإيماء إلى أنَّ مَن هو في غاية الكمال شأنُه أن يكون وصفُه كذلك.

* * *

(١١) - ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾.

﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ على طرفٍ من الدِّين، لا في وسطِهِ.

﴿فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ﴾ كالَّذي يكون على طرفِ الجيش؛ فإنَّ أحسَّ بالظَّفر قَرَّ؛ وإلَّا فَرَّ.

روي أنَّها نزلَتْ في أعاريب قدموا المدينةَ، وكان أحدهم إذا صحَّ بدنه ونُتِجَتْ فرسُه مُهراً سريًّا، وولدَت امرأتُه غلاماً سويًّا، وكثر ماله وما يشتهيه قال: ما أصبْتُ منذ دخلْتُ في ديني هذا إلَّا خيراً، واطمأنَّ (٢)، وإنْ كانَ الأمرُ بخلافه قال: ما أصبْتُ إلَّا شرًّا، وانقلَبَ (٣).


(١) "الذي": ليست في (م).
(٢) في (ك) و (م) زيادة: "به".
(٣) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ٣٠٧)، "الكشاف" (٣/ ١٤٦) وعنه نقل المؤلف. وروى =