للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذِكْرُ الفِتنةِ في مقابلةِ الخيرِ للتَّنبيه على أنَّ الشَّرَّ لا يصدر عنه تعالى قصداً، إنَّما المقصود منه الابتلاء.

﴿خَسِرَ الدُّنْيَا﴾ بذهاب عصمته ﴿وَالْآخِرَةَ﴾ بحبوط عمله بالارتداد.

وقرئ: (خاسِرُ) بالنَّصب على الحال وبالرَّفع (١) على الفاعليَّة، أو على أنَّه خبرُ مبتدأ محذوف، وعلى الأوَّل يكون من باب وضع الظَّاهر موضع الضَّمير تنصيصاً عليه بالخسران.

﴿ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾: الظَّاهر الذي لا يخفَى على أحدٍ.

* * *

(١٢) - ﴿يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾.

﴿يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ﴾؛ أي: لا يقدرُ على شيءٍ أصلاً، فإنَّ النَّفع والضُّرَّ في التَّعبير بهما عن جميع الآثار كالسَّماء والأرض في التَّعبير بهما عن جميع الأجسام.

وإعادة كلمة ﴿مَا﴾ للدِّلالة على استقلالِ كلٍّ من الوصفَيْنِ المذكورَيْنِ في إخراج موصوفه إلى معرض الذَّمِّ.

﴿ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾ عن المقصدِ، مستعارٌ من ضلالِ مَن أبعدَ في التِّيهِ فطالَتْ وبَعُدَتْ مسافةُ ضلالِه.

* * *


= نحوه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٤٧٢ - ٤٧٤) عن ابن عباس وجمع.
(١) انظر: "الكشاف" (٣/ ١٤٧). والنصب منسوب لحميد ومجاهد. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٩٥).