للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

استمرارُ وجودِ الصَّدِّ منهم في جميع الأزمان، كقولهم: فلانٌ يُحسن للفقراء (١) ويكرم الضِّيفان، ولذلك حَسُن عطفه على الماضي.

﴿وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ عطف على ﴿سَبِيلِ اللَّهِ﴾.

﴿الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ﴾ مطلقاً من غير فرقٍ بين حاضر وبادٍ، فإنْ أُرِيدَ بالمسجد الحرام مكَّةُ، ففيه دليل على أنَّه لا يجوز بيع أرض مكَّة ولا إجارتُها، ولا يعارضه قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ﴾ [الحج: ٤٠] لأنَّ الإضافة باعتبار أنَّهم يملكون البناء، ولا شراءَ عمر داراً يسجنُ فيها؛ لأنَّه اشترى البناءَ دونَ الأرضِ (٢).

وإن أريد به البيت فالمعنى: أنَّه قِبلةٌ لجميع النَّاس، والأوَّل هو الظَّاهر؛ لقوله تعالى:

﴿سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ﴾: المقيمُ بمكَّة ﴿وَالْبَادِ﴾ أي: السَّاكنُ في البادية؛ أي: ليسَ لأحدٍ أن يمنعَ أحداً عنه.

قيل: كانت بيوتُ مكَّةَ لا يُتَّخذُ لها أبوابٌ حتى ظهرَتِ السَّرقةُ فيهم، فقال عمر لرجلٍ منهم - وهو أوَّل مَنِ اتَّخذ باباً -: اتخذْتَ باباً لتحتَجِبَ به؟ فقال: لا، ولكنْ أحرزْتُ المتاعَ عن السَّرقة. فقال له: إنَّه لا يحلُّ لأهل مكَّة أن يأخذوا أجورَ بيوتهم (٣).


(١) في (ف) و (م) و (س): "الفقراء".
(٢) روى نحوه عبد الرزاق في "المصنف" (٩٢١٣)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٣٢٠١)، والفاكهي في "أخبار مكة" (٢٠٧٦).
(٣) لم أجده.