للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للاستحالة الزَّمانيَّة، والفاء للتَّكوُّن الآتي، إلا ﴿ثُمَّ﴾ في قوله: ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ﴾ فإنها مستعارة لِمَا بينَ الخلقَيْن مِن التَّفاوت.

﴿خَلْقًا آخَرَ﴾ التَّنكير للتَّنويع؛ أي: نوعًا آخر مِن الخلق مباينًا للخلق الأوَّل - بنفخ الرُّوح فيه، وجعلِه حيوانًا - مباينةً ما أبعدها (١)؛ إذ كان جمادًا فجعله حيًّا سميعًا بصيرًا، ذا أعضاء ظاهرة وباطنة، في كلِّ واحدٍ منها عجائبُ حكمِه، وغرائبُ صنعِه، ولطائفُ قوةٍ (٢) لا يفي بها وصفُ واصفٍ، ولا يبلغها شرحُ شارحٍ.

واحتجَّ به أبو حنيفة على أنَّ مَن غصب بيضة فأَفرخت عنده لزمَهُ ضمانُ البيضةِ لا الفَرْخ؛ لأنَّه خلقٌ آخرُ.

﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ﴾: فتعالى شأنُه في قدرته وحكمته.

﴿أَحْسَنُ﴾ بدل أو خبرُ مبتدأ (٣) محذوف، وليس بصفةٍ لأنَّه نكرةٌ وإنْ أُضِيفَ؛ لأنَّ المضاف إليه عوضٌ مِن (مِن) (٤).

﴿الْخَالِقِينَ﴾: المقدِّرين تقديرًا، فحذف المميِّز لدلالة ﴿الْخَالِقِينَ﴾ عليه.

رُوي أنَّ عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان يكتب لرسول اللّه ، فنطق بذلك


(١) في (ف) و (ك) و (م): "ما بعدها"، والمثبت من (ع) و (ي)، وهو الصواب. انظر: "روح المعاني" (١٨/ ٣٥).
(٢) "قوة" ليست في (ف) و (ك).
(٣) في (ف): "أو خبر لمبتدأ".
(٤) في (ف): "عوضُ مِن". وهذا الذي ذكره المؤلف من منع النعت هو قول أبي البناء، وأجازه غيره على أن الإضافة محضة، فتقيده تعريفا إذا أضيف إلى معرفة. انظر: "روح المعاني" (١٨/ ٣٧).