للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ﴾ أي: القتلِ والأسرِ يومَ بدرٍ.

﴿فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾ فما خضَعوا، وما تذلَّلوا، ولم يوجَدْ منهم تضرُّعٌ.

استكانَ: استفعل مِن الكون؛ لأنَّ المُتَذَلِّلَ انتقل مِن كونٍ إلى كونٍ، كالمستحيل للمتنقِّلِ مِن حالٍ إلى حالٍ، أو افتعل مِن السُّكون أُشبع فتحتُه.

* * *

(٧٧) - ﴿حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾.

﴿حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾: بابَ الجوع الذي هو أشدُّ مِن القتل والأسر.

﴿إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ الإبلاسُ: اليأسُ (١) مِن كلِّ خيرٍ.

وقيل: السُّكوتُ مع التَّحيُّر؛ أي: فأُبلسوا ساعتئذٍ وخضعَتْ رقابُهم، حتى جاء أعتاهم يستعطفُكَ.

رُوي أنَّه لمَّا أسلمَ ثُمامَةُ بنُ أُثالٍ الحنفيُّ ولحقَ اليمامة ومَنع المِيْرَةَ من أهل مكَّة، وأخذهم الله تعالى بالسِّنين حتى أكلوا العِلْهِزَ (٢)، جاءَ أبو سُفيانَ رسولَ اللّه فقال له: أَنشدُكَ الله والرَّحمَ! ألستَ تزعمُ أنَّك بُعِثْتَ رحمةَّ لَلعالمين؟ فقال: "بلى"، قال: قتلْتَ الآباءَ بالسَّيفِ والأبناءَ بالجوعِ، فنزلَتْ (٣). وهذا صريح في أنَّها مدنيَّة.


(١) في (ف) و (ك): "أي إبلاس" بدل "الإبلاس اليأس".
(٢) طعام من الدم والوبر كان يتخذ في المجاعة. انظر: "القاموس" (مادة: علهز).
(٣) روى نحوه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٩٣) عن ابن عباس ، وانظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٦٣٨ - ٦٣٩). وخبر ثمامة رواه البخاري (٤٣٧٢)، ومسلم (١٧٦٤) دون ذكر مجيء أبي سفيان ونزول الآية.