للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٧٨) - ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾.

﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴿قَلِيلًا﴾ نصب على المصدر، و ﴿مَا﴾ زائدة للتَّوكيد بمعنى حقًّا؛ أي: شكرًا قليلًا تشكرون حقًّا، وإنَّما خَصَّ ﴿السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ﴾ بالذِّكر في مقام الامتنان لأَنَّها أصول المُدْرَكات المُنتفَع بها في المنافع الدِّينيَّة والدنياوَّية، ولا يمكن الاستكمال إلَّا بها، فإنه موقوف على الاعتبار والاستماع والاستبصار بالنَّظر والاستدلال، فهي أصولُ النِّعَمِ الموجبةُ للشُّكر، ولَمَّا كان العمدة في الشُّكر استعمالَها فيما خُلِقَتْ لأجله، ومقدمتُها الإقرار بواهبها ومُنشِئها قال:

(٧٩) - ﴿وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.

﴿وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾: خلقَكم فيها بالتَّناسُلِ.

﴿وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾: تُجمَعون يومَ القيامة بعدَ تفرُّقكم.

* * *

(٨٠) - ﴿وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾.

﴿وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ قد سبق تفسيرُه؛ أي: هو المختصُّ باعترافكم بإنشاء الجوارح المذكورة وإنشائكم، والمختصُّ بالإحياء والإماتة، ﴿وَلَهُ﴾ خاصَّةً ﴿اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾، وهو متولِّيه، لا يقدر على تصريفهما (١) غيره، والاختصاصُ مستفادٌ مِن تقديمِ الضَّمير والظَّرف.

﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾: أبعْدَ هذه الدَّلائل الواضحة لا تعقلون بالنَّظر والاستدلال


(١) في (ف) و (ك) و (م): "تصرفها"، وفي (ع): "تصريفها"، والمثبت من (ي).