للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ لِمَا فيه من التشبُّه (١) بالفُسَّاق، وحضورِ مواضع التُّهَمة، والتسبُّبِ بسوءِ (٢) المقالة، والغِيبة، والطعن في النَّسَب، ومجالسةُ الزواني كم فيها من التعرُّض لاقتراف المفاسد والآثام، فكيف بمزاوجتهنَّ، ولذلك عبّر عن التنزيه بالتحريم مبالغة.

وقيل: النفي بمعنى النهي، وقد قُرئ به (٣)، والحرمة على ظاهرها، والحكم مخصوص بالسبب الذي ورد فيه، أو منسوخٌ بقوله تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢] فإنه يتناول المسافِحاتِ، ويؤيِّده أنه سُئلَ عن ذلك فقال: "أوَّله سفاحٌ، وآخره نكاحٌ، والحرامُ لا يُحرِّم الحلالَ" (٤).

* * *

(٤) - ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾؛ أي: يقذفون الحرائرَ العفائفَ المسلماتِ المكلَّفاتِ بالزنى؛ لوصف المقذوفات بالإحصان، وإنَّما عدل عن القذف إلى الرمي؛ لأنَّ القذفَ: الرميُ البعيد المستلزِمُ لصلابة المَرْميِّ، والقيدان المذكوران اعتبارُهما لا يناسب المقام.


(١) في (ف) و (ك) و (م): "بسوء".
(٢) في (ع) و (ف) و (ك) و (م): "التشبيه".
(٣) أي: (لا يَنكحْ) بجزم الحاء، نسبت لعمرو بن عبيد. انظر: "مختصر في شواذ القراءات" (ص:١٠٠).
(٤) انظر: "الكشاف" (٣/ ٢١٢). ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٢٧٨٧)، وسعيد بن منصور في "السنن" (٨٨٨) و (٨٨٩) و (٨٩٠)، والدارقطني في "السنن" (٣٦٨١) عن ابن عباس موقوفًا.