للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذكرُهنَّ عقيب الزواني، واشتراطُ أربعة شهداء بقوله: ﴿ثُمَّ﴾ كلمةِ التراخي، دلَّ على أنه لا يجب عليه الإتيانُ بالشهود على الفور.

﴿ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ يشهدون على زنى المقذوفة؛ لأن القذفَ بغير الزنى يكفي فيه الشاهدان، ولإيجاب الحدِّ بقوله:

﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ لأن القذف بغير الزنى لا يوجب الحدَّ، بل يوجب التعزيرَ كقذف غير المحصن بالزنى.

ونُصب ﴿ثَمَانِينَ﴾ نَصْبَ المصادر، كنَصْبِ ﴿مِائَةَ﴾، ونصب ﴿جَلْدَةٍ﴾ على التمييز.

ولا فرقَ فيه بين المذكَّر والمؤنَّث، وتخصيصُ المحصنات لخصوص الواقعة، أو لأن قذفهنَّ كان أغلبَ (١)، هذا ما قالوا.

وأنا أقول: أُريدَ الأنفسُ المحصنات، كما في قوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ فلا تخصيص.

ولا يشترط اجتماعُ الشهود عند الأداء، ولا شهادةُ زوج المقذوفة، ولكن يُشترط طلب المقذوف؛ لأن فيه حقَّه من حيث دفعُ العارِ، ولا خلاف فيه لأبي حنيفة.

وضربُه أخفُّ من ضرب الزنى، قيل: لضعف سببه واحتماله الصدقَ، ولذلك نقص عددُه، وَيرِدُ عليه النقض بضَرْب التعزير، كما إذا كان المقذوف غيرَ محصَن، فإنه أشدُّ من ضرب الزنى مع قيام العلَّة المذكورة فيه.


(١) في هامش (ف) و (م): "لم يقل: وأشنع؛ لأن فيه إخلالًا لثبوت الحكم في المحصن بدلالة النص". وفيه إشارة لقول البيضاوي: (كان أغلب وأشنع).