للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهم: حسان بن ثابت ومِسْطَح بن أثاثة وحَمْنَة بنت جَحْش.

قال علماؤنا: وإنَّما لم يُحدَّ عبدُ اللّه بنُ أُبيٍّ لأن اللّه تعالى قد أعدَّ له في الآخرة عذابًا عظيمًا، فلو حُدَّ في الدنيا لكان ذلك كفارةً له فيتخلَّص من عذابه الأخروي، وإنما حُدَّ هؤلاء المسلمون ليكفَّر عنهم إثمُ ما صدر عنهم من القذف، حتى لا يبقى عليهم تَبِعةٌ ذلك في الآخرة، وقد قال في الحدود: "إنَّها كفَّارة لمن أُقيمت عليه" (١).

ففي قوله تعالى: ﴿لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ إشارة إلى عدم وجوب الحدِّ على ابن أُبَيٍّ، ولذلك لم يحدَّه النبيُّ (٢).

* * *

(١٢) - ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ﴾.

ثم وبَّخ الخائضين فيه فقال: ﴿لَوْلَا﴾: هلَّا ﴿إِذْ سَمِعْتُمُوهُ﴾؛ أي: الإفكَ ﴿ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ﴾: بالذين منهم، فالمؤمنون كنفسٍ واحدةٍ، وهو قوله تعالى: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [الحجرات: ١١].

﴿خَيْرًا﴾: عفافًا وصلاحًا، وإنَّما عدل عن الخطاب إلى الغَيبة وعن الضمير إلى الظاهر، ولم يقل: ظننتم بأنفسِكم؛ ليبالغ في التوبيخ بطريقة الالتفات، وليدلَّ التصريحُ بلفظ الإيمان على أن الاشتراك فيه يقتضي أن لا يُصدِّق مؤمنٌ


(١) انظر: "طرح التثريب" للعراقي (٨/ ٧٢ - ٧٣). وحديث أن الحدود كفارة رواه البخاري (١٨)، ومسلم (١٧٠٩)، عن عبادة بن الصامت .
(٢) في هامش (ع) و (ف) و (ي): "هذا من دقائق الإشارات التي لم يتنبّه لها الناظرون في هذا المقام فقالوا ما قالوا. منه".