للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ في المحشر، مستأنفٌ، أو خبرٌ بعد خبرٍ ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ في الجنة.

* * *

(٢٧) - ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ﴾ التي اختصَّ بكم سُكناها، سواءٌ سكنتُم فيها أو لم تسكنوا؛ أي: لا تدخلوا بيوتًا يَسكنها غيرُكم.

وهذا يعمُّ مسكنَ الأمِّ فإنه لا يجوز أن يدخل عليها مغافصة (١)، روي أنَّ رجلًا قال للنبيِّ : أَستأْذِنُ على أمِّي؟ قال: "نعم"، قال: لا خادمَ لها غيري، أستأذِنُ عليها كلَّما دخلت؟ قال: "أتحبُّ أن تراها عريانةً"؟ قال: لا، قال: "فاستَأذِن" (٢)، وهو تأديبٌ بما يرجع إلى التحرُّز عن الاطِّلاع على عورةِ الغير.

﴿حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ (٣)؛ أي: تَستَعْلِموا مَن في البيت بأيِّ وجهٍ أَمْكن (٤)، قال تعالى: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا﴾ [النساء: ٦]؛ أي: عَلِمتم، وفي "سنن ابن ماجه" عن أبي أيوبَ الأنصاريِّ قال: قلنا: يا رسول الله، هذا السلام فما الاستئناس؟ قال:


(١) أي: على حين غرة. ووقع في (م): "مناقصة"، وفي (ع): "منافضة"، وفي (ي): "مفاضة".
(٢) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٩٦٣)، وأبو داود في "المراسيل" (٤٨٨)، عن عطاء بن يسار مرسلًا، قال ابن عبد البرّ في "التمهيد" (١٦/ ٢٢٩): هذا الحديث لا أعلم يستند من وجه صحيح بهذا اللفظ، وهو مرسل صحيح مجتمع على صحة معناه.
(٣) في (ف): "تستأذنوا".
(٤) في هامش (ف) و (م): "فإن المانع عن الدخول قبل الاستئناس سكون الغير، وانتفاؤه لا يَستلزم ثبوت سكونهم. منه".