للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: أي: ليس بحيث تقع الشمسُ عليها حينًا دون حينٍ، بل بحيث تقع عليها طول النهار، كالتي تكون على قُلَّة أو صحراءَ واضحة، فإن ثمرتها تكون أنضجَ وزيتها أصفى، ويردُّه ما دلَّ عليه الحديث المذكور (١) من أنه لا خيرَ فيها؛ لأن إشراق الشمس عليها دائمًا يحرقها.

﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾ وصف الزيت بالصفاء (٢) والوميض، وأنَّه لتلألؤه يكاد يُضيء من غير نارٍ.

﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾ أي: هذا النور الذي شبِّه به الحقّ نورٌ مُتضاعف قد تناصَر فيه المشكاةُ والزجاجةُ والمصباحُ والزيتُ حتى لم يبق بقيَّةٌ ممَّا يقوِّي النور، وهذا لأنَّ المصباح إذا (٣) كان في مكان متضايق كالمشكاة كان أجمعَ لنوره، بخلاف المكان الواسعِ فإنَّ الضوء ينتشر فيه، والقنديل أعونُ شيءٍ على زيادة الإنارة، وكذلك الزيتُ وصفاؤه، وضَرْبُ المَثَل يكون بدنيٍّ (٤) محسوسٍ معهودٍ لعليٍّ غيرِ معايَنٍ ولا مشهودٍ (٥).

﴿يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ﴾ أي: لهذا النور الثاقب ﴿مَنْ يَشَاءُ﴾ فإن الأسباب إنَّما تتمَّشى بمشيئته.


(١) لو صح، لكنه لا يعرف، ولم نجد له غير "الكشاف" مصدرًا.
(٢) في (م): "بالضياء" وكلمة: "والوميض" بعدها من (ع) و (ي).
(٣) في (م): "إن".
(٤) في (ف) و (ك) و (م): "بدل"، ولم تجود في (ع) و (ي). وقوله: (بدني) كأنه مِن الدنوِّ بمعنى القُرب، أي: قريب التناول للأذهان لكونه محسوسًا معهودًا؛ لأنَّ المقصود مِن التمثيل تقريب المعاني البعيدة مِن الأذهان بتشبيهها بالمعاني القريبة منها.
(٥) انظر: "تفسير النسفي" (٢/ ٥٠٧)، وفيه: (لا بعلي) بدل: (لعلي).