للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٤٤) - ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾.

﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ بالمعاقبة بينهما، أو بنقصِ أحدهما وزيادة الآخر.

﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾: فيما تقدَّم ذكره ﴿لَعِبْرَةً﴾: لدلالةً على جود الصانع القادر العليم.

وللتنبيه على وضوح الدلالة قال: ﴿لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾ دون: لأولي البصائر. ثم بيَّن دليلًا آخر فقال:

* * *

(٤٥) - ﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ﴾: حيوانٍ يدبُّ على وجه الأرض، وقرئ: ﴿خالقُ كلِّ دابَّةٍ﴾ بالإضافة (١).

قال الراغب: والدبيبُ (٢) أصلُه: حكايةُ صوتِ حركة المشي، ثم قيل: دبَّ، إذا مشى، ويقال لكل ما يمشي: دابَّة، ثم خُصَّ الفرس (٣).

﴿مِنْ مَاءٍ﴾ هو جزءُ مادَّته وسببُ حياته، على ما أشير إليه في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء: ٣٠].

وقيل: من ماء مخصوصٍ وهو النطفة، ولا يلزم حينئذٍ أن يُرتكب إلى ادِّعاء الغَلَبة في المخلوق من النطفة، وتنزيلِ الغالبِ منزلةَ الكُلِّ؛ لجواز أن يُراد بالدابَّة ما


(١) قرأ بها حمزة والكسائي. انظر: "التيسير" (ص: ١٣٤).
(٢) في (ف) و (ك): "في الدبيب"، وسقطت من (ي). والمثبت موافق للمصدر.
(٣) انظر: "تفسير الراغب" (١/ ٣٦٠).