للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يُخلَق بالتوالُد بقرينة ﴿مِنْ مَاءٍ﴾؛ أي: من نطفة، كما أريد من الشيء في قوله تعالى: ﴿مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء: ٣٠] ما به الحياةُ بقرينة ﴿حَيٍّ﴾ (١).

﴿فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ﴾ كالحيَّة والحوت، يُسمَّى الزحفُ مشيًا؛ استعارة، لقيامه مقام الشيء، وليس هذا من قَبيل ذكر المقيَّد وإرادة المطلق، كما إذا ذكر المِشْفَر وأُريد به الشَّفَة مطلقًا؛ لأن خصوصية الزحف مقصودة (٢)، والمشاكلة البديعية طريقةٌ أخرى لا يُصار إليها عند صحَّة الاستعارة البيانيَّة (٣).

﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ﴾ كالإنس والطير.

﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ﴾ كالنَّعم والوَحْش. قيل: ويندرج فيه ما له أكثرُ من أربعٍ كالعناكب؛ فإن اعتمادها إذا مشت على أربعٍ. ولا يخفى ما فيه من التعسُّف.

وتذكير الضمير لتغليب العقلاء، والتعبيرُ بـ (مَن) عن الأوصاف ليوافق التفصيلُ الجملةَ.

قيل: قدّم ما هو أعرفُ (٤) ...................................................


(١) في هامش (ف) و (م): "ولا من قبيل قولهم: شقَّ هذا الأمر. منه".
(٢) في (م): "مقصور".
(٣) في هامش (ع) و (ف) و (م): "المشي هو النقلة بالخطوة لا مطلق النقلة كما هو الظاهر من قول الجوهري: زحف إليه زحفًا مشى، وقد يستعار الزحف للمشي على عكس ما ذكر، وعليه نبَّه الزمخشريُ، قال في "الأساس": زحف العسكر إلى القوم، إذا مشوا إليهم للنقل في شركتهم.
(٤) في (ع) و (ك): "أعرق"، والمثبت من باقي النسخ، وكلاهما في نسخ "البيضاوي" و"الكشاف"، وزيد في "البيضاوي" ثالث وهو: (أغرب). قال الشهاب: (أعرف في القدرة)؛ أي: أعظم ما تعرف به القدرة الإلهية، وفي نسخة: (أغرب) من الغرابة، وفي أخرى: (أعرق) من العراقة، وهي الأصالة =