للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والذي أدَّى إليه النظرُ الدقيقُ: هو أنه إضراب عن نفس التقسيم، يعني: دَعِ التقسيمَ فإنَّهم هم الكاملون في الظُّلم الجامعون لتلك الأوصاف (١) على الكمال، فلذلك صدُّوا عن حكومتك، يدلُّ على ذلك اسمُ الإشارة، والتعريفُ بلام الجنس، وتوسيطُ ضميرِ الفصل، والفصلُ لنفي ذلك عن غيرهم، سيَّما المدعوُّ إلى حكمه.

نزلت في بشرٍ المنافقِ وخصمِه اليهوديِّ حين اختصما في الأرض، فجعل اليهوديُّ يجرُّه إلى رسولِ الله والمنافقُ إلى كعبِ بنِ الأَشرف، ويقول: إنَّ محمدًا يَحيفُ علينا (٢).

* * *

(٥١) -) ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ على عادته تعالى في اتِّباع ذكر المحقِّ المُبطِل والتنبيه على ما ينبغي بعد إنكارِه لِما لا ينبغي.

قرئ ﴿قول﴾ بالرفع والنصب (٣)، والنصب أقوى؛ لأنَّ أَولى الاسمين بكونه اسمًا لـ ﴿كَانَ﴾ أَو غلُهما في التعريف.


(١) في (ف): "الصفات".
(٢) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ٣٢٧)، و"الكشاف" (٣/ ٢٤٨). ورواه الطبري في "التفسير" (٧/ ١٩٣ - ١٩٤) عن مجاهد في سبب نزول قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ [النساء: ٦٠]، وكذا رواه الواحديُ في أسباب النزول (ص: ١٦١)، عن قتادة والشعبي، وعن ابن عباس من رواية الكلبي عن أبي صالح عنه.
(٣) قرأ الجمهور بالنصب، ونسب الرفع لعلي بن أبي طالب والحسن. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١٠٣)، و"المحتسب" (٢/ ١١٥).