للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٥٠) - ﴿أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.

﴿أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ﴾ الحَيْفُ: الجَور بنَقْصِ الحقِّ ﴿عَلَيْهِمْ﴾.

إنما قدَّم صلةَ الحيف على قوله: ﴿وَرَسُولُهُ﴾؛ إظهارًا بأنه على تقدير وقوعِه يكون من الله - تعالى شأنه عمَّا يقولُ الظالمون - ولا يكون فيه دَخْل للرسول؛ لأنَّه مُظهِر لا مُثبِت.

قسم الأمر في صدودهم عن حكومته إذا (١) لم يعتقدوا أن الحُكم لهم بأن يكونوا مرضى القلوب منافقين، أو مرتابين بأن رأوا منك تُهَمةً فزالت ثقتُهم ويقينُهم بك، أو خائفينَ الحيفَ في قضائه.

ووجهُ التقسيم: أن امتناعهم إمَّا لخلل فيهم أو في الحاكم، والثاني إما أن يكون محقَّقًا عندهم أو متوقَّعًا، وكلاهما باطل؛ لأن منصب نبوَّته وفَرْطَ أمانته يَمنعه، فتعيَّن الأول، فلذلك أضرب بقوله:

﴿بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ عن القسمين الآخرين لتحقيق (٢) القسم الأول.

وظلمُهم يعمُّ خَلَلَ عقيدتهم، وميلَ نفوسهم إلى الحيف، يريدون أن يَظلموا مَن له الحقُّ عليهم، وذلك شيءٌ لا يستطيعونه في مجلس رسولِ الله ، فمِن ثَمَّ يَأبَون المحاكمة إليه، هذا ما أدَّى إليه النظرُ الجليل.


(١) في (ف): "إن".
(٢) في (ع) و (م): "لتحقق".