للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تمهيدٌ لتعظيم دعوته وإظهارِ مكانته، وليس هذا طريقةَ الإبدال (١).

﴿لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ﴾؛ أي: ليَحكم الرسولُ ؛ لأنَّه الحاكم ظاهرًا، وإنما لم يقل: ليَحكم عليهم، إشعارًا بأن إعراضَهم غيرُ مخصوصٍ بصورة الظَّنِّ بالحكم عليهم، بل شاملٌ لصورة الشَّكِّ، فشأنهم الإعراضُ فيما إذا اشتَبه الأمر حالًا وإن كان الحكم لهم مآلًا.

ومَن غَفَلَ عن هذا الاعتبار اللطيفِ قال في تفسير (٢) قوله تعالى: ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ﴾: فأجأ فريقٌ منهم الإعراضَ إذا كان الحقُّ عليهم؛ لعلمهم بأنك لا تَحكُم لهم، وهو شرح للتولِّي ومبالغةٌ فيه.

ولم يَدْرِ أن شرحَه على وجه أبلغَ فيما ذكرناه لا فيما ذكره.

* * *

(٤٩) - ﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾.

﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ﴾؛ أي: الحكم في اعتقادهم ﴿يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾ طلبًا لحقِّهم لا رضًى بحُكم رسولهم، قال الزجَّاج: الإذعانُ: الإسراعُ مع الطاعة، فباعتبار ما في الإسراع من معنى الإتيان يجوز أن يكون (إلى) صلةً لـ ﴿مُذْعِنِينَ﴾، ويكون تقديمه للاختصاص ومحافظةِ الفواصل.

* * *


(١) نُسب الإبدال للزمخشري لقوله: (معنى ﴿إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾: إلى رسول الله، كقولك: أعجبني زيد وكرمه، تريد: كرم زيد). فتوهموا من إسقاط المعطوف عليه في التفسير أنّ المعطوف هو المقصود بالنسبة، وهذا شأن البدل، وما نحن فيه طريقة أخرى، فاعترض عليه … انظر بحث المسألة في "حاشية الشهاب" (٦/ ٣٩٤).
(٢) في (م): "تفسيره". والمراد من الكلام البيضاوي.