للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقت الحرمة مِن الطرفين، ومن هنا تبيَّن أنَّ الأمر (١) بالاستئذان في حقِّ المماليك والصبيان تضمَّن الأمرَ بالاحتياط في حقِّ المخاطَبِين.

﴿بَعْدَهُنَّ﴾ بعدَ هذه الأوقاتِ في تَرْكِ الاستئذان، وليس فيه ما ينافي آيةَ الاستئذان فيَنسَخَها؛ لأنَّه في الصبيان والمماليك المدخول عليه، وتلك في الأحرار البالغين ومماليك الغير.

وأمَّا ما قيل: هذا ممَّا الناسُ منه في غفلةٍ، وهو عندهم كالشريعة المنسوخة، فمنشؤه الغفلةُ عمَّا حكاه المهدويُّ عن ابنِ عباس من أنَّ ذلك كان واجبًا، إذ كانوا لا غَلَقَ لهم ولا أبواب (٢)، ولو عاد الحال لعاد الوجوب (٣).

﴿طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ﴾: هم طوَّافون، استئنافٌ ببيان العذر المرخِّص في ترك الاستئذان، وهو شدَّة المخالطة وكثرةُ المداخلة، وفيه وفي الفرق بين الأوقاتِ الثلاثة وغيرِها بأنها عوراتٌ دليل على تعليل الأحكام.

﴿بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ بعضكم طائفٌ على بعضٍ، أو: يطوف بعضُكم على بعض، والجملة مؤكِّدة لِمَا قبلها، ويجوز أن يكون بدلًا منه، يعني: لا بدَّ لهم من ذلك للخدمة، فلو جزم بالاستئذان في كلِّ وقت لأفضى إلى الحرج.

﴿كَذَلِكَ﴾: مثلَ ذلك التبيين ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ﴾ أراد بالآياتِ عللَ الأحكام،


(١) في (ف) و (ك): "المراد".
(٢) رواه أبو داود (٥١٩٢).
(٣) في هامش (ف) و (م): "قال القرطبي: بل حكمها اليوم ثابت في كثير من مساكن المسلمين في البوادي والصحارى. منه". وانظر: "المحرر الوجيز" (٤/ ١٩٤)، و"تفسير القرطبي" (١٥/ ٣٢٩).