للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ كُسرَت (إنَّ) لا لأجل اللامِ في الخبر؛ لأنَّ دخولها وخروجها هاهنا سواءٌ، بل لأنَّه موضع ابتداء تقديره: إلَّا هم يأكلون، والجملة بعد (إلَّا) صفةٌ لموصوف محذوف، والمعنى: وما أرسلنا قبلك أحداً من المرسلين إلَّا آكلين وماشين، وإنَّما حذف لدلالة ﴿الْمُرْسَلِينَ﴾ عليه (١)، ويجوز أن يكون حالاً اكتفي فيها بالضمير، وهو جواب لقولهم: ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾.

﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ﴾ أيُّها الناس ﴿لِبَعْضٍ فِتْنَةً﴾: ابتلاءً، ولا دلالة فيه على القضاء والقَدَر لأن قوله: ﴿أَتَصْبِرُونَ﴾ علَّةٌ للجعل لا للتقدير، والمعنى: وجعلنا بعضَكم لبعضٍ فتنة ليَظهر أيُّكم يَصبر (٢).

ومن الفتنة: أن يَحسد المُبتلَى المعافَى، ويَحقِرَ المعافَى المبتلَى، والصبرُ أن يَحبس كلاهما نفسَه؛ هذا عن البَطَر (٣)، وذاك عن الضجر.

﴿وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾ بصَبْر مَن صَبَر، وضَجَر مَن ضَجِر، أو: بالصواب فيما يَبتلي (٤) به وغيرِه.

* * *


(١) في هامش (ع) و (ف) و (م): "قال في التيسير: وهو كما يقال: ما قدم علينا أمير إلا إنه مكرِم لي، بالكسر. منه".
(٢) في (ف) و (ك): "أنكم تصبرون"، وفي (م): "أيكم تصبروا"، والمثبت من (ع) و (ي) والبيضاوي.
(٣) في (ع) و (ف) و (ي): "النظر"، وفي (م): "البسطة"، والمثبت من (ك).
(٤) في النسخ: "فيمن ابتلى"، والمثبت من المصادر. انظر: "الكشاف" (٣/ ٢٧٢)، و"تفسير البيضاوي" (٤/ ١٢١)، و "تفسير النسفي" (٢/ ٥٣١)، و "البحر" (١٦/ ١٧٨)، و "روح المعاني" (١٨/ ٥٥٨).