للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البرهان، ولا يلزم من نفي البشرى لعامة المجرمين حينئذٍ نفيُ البشرى بالعفوِ والشفاعةِ في وقتٍ آخر.

﴿وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ عطفٌ على المدلول؛ أي: يقول الكفرةُ حينئذٍ هذه الكلمةَ؛ استعاذةً وطلباً من الله تعالى أن يَمنع لقاءَهم، وهي ممَّا كانوا يقولونه عند لقاءِ عدوٍّ أو هجومِ مكروهٍ، أو يقولها الملائكةُ بمعنى: حراماً محرَّماً عليكم الجنة أو البشرى.

وقرئ: (حُجْراً) بالضَّمِّ (١)، وأصله الفتح أو الكسر، فإنَّهما لغتان فيه، غير أنَّه لمَّا اختصَّ بموضعٍ مخصوصٍ غيِّر (٢)؛ كـ: قَعْدَكَ وعمرَكَ (٣)، ولذلك لم يتصرَّف فيه (٤)، ولا يظهر ناصبُه، ووصفه بـ ﴿مَحْجُورًا﴾ للتأكيد، كقولهم: موتٌ مائِتٌ.

* * *


(١) نسبت للحسن والضحاك. انظر: "مختصر في شواذ القراءات" (ص: ١٠٤).
(٢) قوله: "لما اختص بموضع .. " يعني: لما خصوا استعماله بالاستعاذة أو الحرمان صار كالمنقول، فلما تغيَّر معناه غيِّر لفظه عما هو أصله - وهو الفتح - إلى الكسر أو الضم لإيهام أنه لفظ آخر كالمرتجل. انظر: "حاشية الشهاب" (٦/ ٤١٧).
(٣) قوله: "كقعدك وعمرك" (قعدك): بفتح القاف، وحكي كسرها عن المازني [وكذا ضبطت في (ي) بكسر القاف] وأنكره الأزهري، والعين ساكنة يقال: قَعْدَكَ اللهَ، وقَعِيدَكَ اللهَ، بنصب الاسم الشريف لا غير، و (قَعْدَك) منصوب على المصدرية، والمراد: رقيبك وحفيظك الله، ثم نقل إلى القسم فقيل: قَعْدَك الله لا تفعل. وأمّا (عَمْرَك الله) فبفتح العين وضمها، والراءُ مفتوحة لأنَّه منصوب على المصدرية ثم اختص بالقسم. انظر: "حاشية الشهاب" (٦/ ٤١٧).
(٤) قوله: "ولذلك لم يُتصرف فيه"؛ أي: يلزم النصبَ على المصدرية بفعل لازم الإضمار. انظر: "حاشية الشهاب" (٦/ ٤١٧ - ٤١٨).