للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٣١) - ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾.

﴿وَكَذَلِكَ﴾؛ أي: كما جعلناه لك ﴿جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ﴾ فاصبر كما صبروا، ومعنى الكلِّية الكثرةُ؛ كما في: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٢٣] فلا يُشكِل بآدم ؛ فإنه لم يكن مبتلًى بعداوة قومه، والعدوُّ يجوز أن يكون واحدًا وجمعاً.

﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا﴾؛ أي: إلى طريق الصبرِ المؤدِّي إلى النصر، والباء زائدة، و ﴿هَادِيًا﴾ تمييزٌ، ويجوز أن يكون حالاً؛ أي: كفى ربُّك في حال الهداية.

﴿وَنَصِيرًا﴾ لك عليهم.

* * *

(٣٢) - ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾.

﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾؛ أي: أحبارُ اليهود (١): ﴿لَوْلَا﴾: هلَّا ﴿نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ﴾؛ أي: أُنزل عليه كخبَّر بمعنى أَخْبَر، بدلالة قوله:

﴿جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾؛ أي: مُجتمِعاً دفعةً واحدةً كالتوراة والزَّبور، وهذا فضولٌ من القول ومماراةٌ بما لا طائلَ تحته، وغفولٌ عن مقتضى أصولِ البلاغة؛ من وجوب رعاية المطابقة لمقتضى المقام (٢) في كلِّ جملةٍ من الكلام، ولا تتيسَّر تلك الرعاية عند نزولِ مجموعِ القرآن دفعةً واحدةً والشريعةِ من وجوبِ تقديم المُجمَل والعامِّ


(١) في هامش (ف) و (م): "في سورة النساء: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا﴾. منه".
(٢) في (ع) و (ي): "الكلام"، وفي (م): "الحال".