للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمنسوخ، وتأخيرِ البيان والخاص والناسخ، ولا يتيسَّر ذلك أيضًا على التقدير المذكور والتذكير من (١) وجوب رعايةِ شرط التكرير، وهو أن يكون في أوقاتٍ متعدِّدة، مع أنَّ للتفرقة فوائدَ:

منها: ما أشار إليه بقوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ جوابٌ لهم؛ أي: أنزلناه إنزالاً كذلك (٢)، والإشارةُ إلى مدلولِ قولهم؛ لأَّن معناه: لِمَ ينزل عليه القرآنُ مفرَّقاً؟ فأَعْلمَ أن ذلك ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ بتفريقه؛ ليَقْوَى فؤادُك حتى تعيَهُ وتحفظَه؛ لأنَّ المتلقِّن وإن لم يكن أميًّا إنَّما يقوى قلبُه على حفظ العلم شيئًا بعد شيء، ولو أُلقيَ عليه جملةً واحدةً لعَجَزَ عن حفظه.

أو: لنثبِّت به فؤادَك عن الضَّجَر بتواتر الأصول، وتتابُع الرسول؛ لأن قلبَ المحبِّ يَسكُن بتواصل كُتُبِ المحبوب، ولأنه إذا نزل منجَّماً وهو يتحدى (٣) بكلِّ نجمٍ فيَعجزون عن معارضته، زاد ذلك قوَّة قلبه.

ومنها: أنَّ نزوله بحسب الوقائع يوجب زيادةَ بصيرة وغوصاً في المعنى (٤).

ومنها: انضمام القرائنِ الحالية إلى الدلالات اللفظية، فإنه يُعِين على البلاغة، وأما أنَّ الناسخ والمنسوخ لا يجتمعان، وكذا أسباب النزول لا يجتمعنَ، فليس من الفوائد وإن كان من جملة البواعث لذلك.


(١) في (ع): "عن".
(٢) في (ف) و (ك) و (م): "أنزلناه كذلك إنزالًا".
(٣) في (ك): "متحد".
(٤) في هامش (ف): "رد لمن قال: لأنَّه يخالف حال موسى ، ثم إن ذلك القائل غافل عن نزول التوراة مكتوباً فهو بمعزل عما نحن فيه. منه".