للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِنْ كَادَ﴾: إنَّه كاد ﴿لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا﴾: ليَصرفُنا عن عبادتها (١) ﴿لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾ فيه دلالةٌ على فرط مجاهدةِ الرسول في دعوتهم وعَرْضِ المعجزاتِ عليهم، حتى شارفوا - بزَعْمهم - أن يَتركوا دينهم إلى دين الإسلام لولا فرطُ لجاجِهم واستمساكهم بعبادة آلهتهم.

ولمَّا عَدُّوا عبادتهم الأصنام رشاداً واعتقدوا صرفهم عنها ضلالاً، أوعدهم الله تعالى فقال:

﴿وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ فيه وعيدٌ ودلالةٌ على أنَّه لا يُهملِهم وإنْ أَمهلهم.

* * *

(٤٣) - ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾.

﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾؛ أي: مَن أطاع هواه فيما يأتي وَيذَر، فهو عابدُ هواه وجاعلُه آلهةً، فيقول لرسوله: هذا الذي لا يَرى معبوداً إلَّا هواهُ كيف تستطيع أنْ تَدعوَه إلى الهدى، وإنَّما قدَّم المفعول الثاني للإشعار بأنَّ المعبودَ حقُّه التقديمُ والتعظيم، فهم أَخلُّوا بحقِّه حيث اتخذوا أهواءَهم آلهةً (٢).

﴿أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾؛ أي: حفيظاً تحفظه عن متابعة هواهُ وعبادةِ ما يهواهُ، أو: أفأنت تكون عليه موكَّلاً فتصرِفَه عن الهوى إلى الهدى، عرَّفه أنَّ إليه التبليغ فقط، فالاستفهام الأول للتعجُّب والتقرير، والثاني للإنكار.


(١) في (م): "عبادتنا".
(٢) في هامش (ع) و (ف) و (م): "ومن زعم أنه قدِّم لمجرَّد العناية، فكأنَّه عن أن مثل هذا التقديم لا يكون بسلامة الأمر. منه".