للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ﴾ لترك طاعتهم الذي دلَّ عليه ﴿فَلَا تُطِعِ﴾ يعني: أنَّهم يجتهدون في إبطال حقِّك، فقابِلْهم بالاجتهاد في مخالفتهم (١) وإزاحة باطلهم.

﴿جِهَادًا كَبِيرًا﴾ لأنَّه جهاد مع كلِّ الكفرة، على ما فُهم ممَّا سبق مِن بعثه إلى (٢) جميع القرى وجملة الأمم.

ثم عاد إلى تعداد النِّعَم فقال:

(٥٣) - ﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾.

﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ﴾: خلَّاهما متجاورين متلاصقين، تقول: مرجتُ الدَّابَّة، إذا خلَّيتَها ترعى، وسمَّى الماءَين الكثيرين الواسعين بحرين.

﴿هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ﴾ قامعٌ للعطش مِن فرط عذوبته.

﴿وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾ بليغُ الملوحة، وقرئ: (مَلِحٌ) على فَعِلٍ (٣)، ولعلَّ أصله: مالح، فخفّف، كبَرِدٍ في بارد، وقد نقل الأزهريُ عن الكسائيِّ صحَّةَ: مالح، وإن كان المليحُ الفصيحُ: مِلْح (٤).

﴿وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا﴾: حاجزاً من قُدرته.

﴿وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾: وتنافراً بليغاً، كأنَّ كلًّا منهما يقول للآخر ما يقوله المتعوِّذ


(١) في (ف) و (م): "مقابلتهم".
(٢) في (ك): "بعثته إلى"، وفي (م): "بعثه على".
(٣) نسبت لطلحة بن مصرف وقتيبة عن الكسائي في غير المشهور عنه. انظر: "مختصر في شواذ القراءات" (ص: ١٠٥)، و "المحتسب" (٢/ ١٢٥).
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" (٥/ ٦٤)، والنقل فيه عن أبي الدقيش لا عن الكسائي.