يقولوا: مُطِرنا بنَوءِ كذا، ولا يذكروا صنعَ الله تعالى ورحمته، وعن ابنِ عبَّاس ﵄: ما مِن عامٍ أقلُّ مطراً من عامٍ، ولكن الله يُصرِّفه حيث يشاء، وقرأ الآية (١).
﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا﴾: نبيًّا يُنذِر أهلها، يعني: أنَّ المقصودَ من البعثة إبلاغُ الدعوة وإلزامُ الحجة، لا الاهتمامُ في أمر الهداية وقَبولها، وإلَّا لفعلنا ما هو أدعى لذلك من دعوة كلِّ أهلِ قريةٍ بنذيرٍ مستقلٍّ.
﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ﴾؛ أي: فلا تُوافِق هواهُم في بعض الأمور؛ ابتغاءً لقَبولهم الدعوة ودخولِهم في طريق الهداية.
وأمَّا ما قيل: نبيًّا يُنذِر أهلَها فيخفُّ عليكَ أعباءُ النبوَّة، لكن قَصَرْنا الأمرَ عليكَ تعظيماً لشأنك وتفضيلاً لكَ على سائر الرسل، فقابِلْ ذلك بالثبات والاجتهاد في الدعوة، فلا تُطعِ الكافرينَ فيما يريدونك عليه.
فيَرِدُ عليه: أنَّ موجَب ذلك العطفُ بالواو دون الفاء، على ما أَفصحَ عنه مَن قال: فقابل ذلك بالتشدُّد والتصبُّر، ولا تُطع الكافرين، ولم يَدْرِ أنَّ فيه تغييراً لنَظْم القرآن وإثباتاً للقصور فيه.
(١) رواه الطبري في "التفسير" (١٧/ ٤٦٨)، والحاكم في "المستدرك" (٣٥٢٠) وصححه.