وتخصيصُ الأنعامِ مِن بين الحيوانِ الشارب؛ لأنَّ عامَّةَ منافع الأناسيِّ متعلِّقةٌ بها، فكان الإِنعامُ بسقي الأَنعام كالإِنعام بسقيهم.
وتنكيرُ الأنعام والأناسي ووصفُهما بالكثرة؛ لأنَّ أكثر الناس مُنيخون بالقُرب من الأودية والأنهار، فيهم غُنيةٌ عن سقي الماء، وأعقابهم - وهم كثيرٌ - يعيشون بما ينزل من رحمته.
وتنكيرُ البلدة؛ لأنَّه يريد بعضَ بلاد هؤلاء المتبعِّدين (١) عن مظانِّ الماء.
ولمَّا كان سقيُ الأناسيِّ من جملة ما أُنزِل له الماءُ وَصَفه بالطَّهور؛ إكرامًا لهم، وبياناً أنَّ من حقِّهم أن يُؤثِروا الطهارةَ في بواطنهم وظواهرهم؛ لأنَّ الطهورَّيةَ شرطٌ للإحياء.
﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ﴾: صرَّفنا هذا القولَ بين الناس في القرآن وسائرِ الكُتُب المنزلة على الرسل.
﴿لِيَذَّكَّرُوا﴾: ليتفكَّروا ويعتبروا، أو يعرفوا كمالَ القدرة وحقَّ النعمة فيَشكروا.
﴿فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾: فأَبى أكثرُهم إلَّا كفر أن النعمة وقلَّةَ الاكتراث لها، وإنَّما عدل عن الضمير لكيلا يُتوهَّم أنَّ المرادَ أكثرُ ذلك الكثيرِ.
أو: صرَّفنا المطرَ بينهم في البلدان المختلفة والأوقاتِ المتغايرة على الصفات المتفاوتة مِن وابلٍ وطَلٍّ وجَودٍ ورذاذٍ ودِيْمَة، فأَبَوا إلَّا كفوراً، وأن