فإنَّ المؤمن إذا شاركه أهلُه في طاعةِ الله سُرَّ بهم قلبُه وقَرَّت بهم عينُه؛ لِمَا يَرى من مساعدته في الدِّين، وتوقُع لحوقهم به في الجنة.
وتنكير الأعين لإرادة تنكير القُرَّة تعظيماً، فإنَّ المضاف لا سبيلَ إلى تنكيره إلَّا بتنكير المضافِ إليه.
وإنما قيل: ﴿أَعْيُنٍ﴾ على القِلَّة، دون: عيون؛ لأن المرادَ أعينُ المتقين، وهي قليلٌ بالإضافة إلى عيونِ غيرهم.
﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾: أئمَّةً يَقتدون بنا في أمرِ الدِّين بإفاضة العلمِ والتوفيق للعمل، واكتفى بالواحد لدلالته على الجنس وعدم اللَّبْس، كقوله: ﴿ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا﴾ [الحج: ٥] أو لأنَّه مصدر في الأصل، أو لأنَّ المرادَ: واجْعَل كلَّ واحدٍ منَّا، أو لأنَّهم كنفسٍ واحدةٍ؛ لاتِّحادهم في الطريقة واتفاقِ كلمتهم.
وقيل: جمعُ اَمٍّ، كصائمٍ وصيامٍ، ومعناه: قاصدين لهم مقتدِين بهم، قيل في الآية:
﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ﴾؛ أي: الغُرُفات؛ وهي العلالي في الجنَّة، فوحِّد اقتصاراً على الواحد الدالِّ على الجنس، دليلُه قوله تعالى: ﴿وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ [سبأ: ٣٧].