للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٧٣) - ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾.

﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ﴾؛ أي: قُرئَ عليهم القرآنُ، أو وُعِظوا به.

﴿لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ هذا ليس بنفي للخرور، بل هو إثباتٌ له ونفىٌ للصَّمم والعَمى، ونحوه قول الشاعر:

بأيدي رجالٍ لم يَشيموا سيوفَهم … ولم تكثُر القتلى بها حين سُلَّتِ (١)

أي: بأيدي رجالٍ شاموا سيوفَهم، فقد كثرت القتلى.

يعني: أنَّهم إذا ذكِّروا بها خَرُّوا سُجَّداً وبُكيًّا، سامعينَ باَذانٍ واعيةٍ، مُبصرين بعيونٍ باصرةٍ لِمَا أُمروا به ونُهُوا عنه، لا كالمنافقين وأشباههم، دليله: ﴿وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾ [مريم: ٥٨] فإن القرآن يُفسِّر بعضُه بعضاً.

* * *

(٧٤) - ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾.

﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا﴾ للبيان، كأنَّه قيل: هَبْ لنا ﴿قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ ثم بُيِّنت القُرَّةُ وفُسِّرت بقوله: ﴿مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا﴾، ومعناه: أنْ يَجعلهم اللهُ قُرَّةَ أعينٍ، وهو من قولهم: رأيتُ منكَ أسداً؛ أي: أنتَ أسدٌ.

أو للابتداء؛ على معنى: هَبْ لنا مِن جهتِهم ما تَقَرُّ به عيونُنا من طاعةٍ وصلاح،


(١) البيت في "الكامل" للمبرد (١/ ٤٠١)، و "الأضداد" لابن الأنباري (ص: ٢٥٩).