للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنَّما جازَ دخول ﴿أَمْ﴾ على (ما) الاستفهاميَّة لهذه النكتة؛ فإنَّها خرجَتْ عن حقيقة الاستفهام إلى البَتِّ بالحكم، لا بالمعادِل بل بالأوَّل.

* * *

(٨٥) - ﴿وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ﴾.

﴿وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا﴾: أُحِلَّ بهم العذابُ الموعودُ بسبب ظلمِهم، وهو التَّكذيب.

﴿فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ﴾ فيشغلُهم عن النُّطق والاعتذار، قال الله تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ﴾ [المرسلات: ٣٥].

* * *

(٨٦) - ﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.

﴿أَلَمْ يَرَوْا﴾ ليتحقَّقَ لهم التَّوحيدُ، ويرشدَهم إلى تجويزِ الحشر وبعثةِ الرُّسل.

﴿أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ﴾ بالنَّومِ والقَرارِ.

﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾ جعلَ الإبصار للنَّهار - وهو لأهله - للمبالغة فيه بجعلِ الإبصار حالًا مِن أحوال المجعول، بحيث لا ينفكُّ عنها، وهذا من باب ما حُذِفَ مِن أحد المتقابلَيْن ما أثبِتَ في الآخر، فالتَّقدير: جعلنا اللَّيل مظلمًا لتسكنوا فيه والنَّهار مبصرًا لتتصرَّفوا فيه.

ومَن غفل عن هذا قال: والتقابل مراعًى مِن حيث المعنى؛ لأنَّ ﴿مُبْصِرًا﴾ بمعنى (١): ليُبصروا فيه طُرُقَ التَّقلُّب في المكاسب.


(١) في (ي) و (ع): "لأن معنى مبصرًا".