للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ﴾.

﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ﴾: مدينةَ فرعون - وهي منف (١) - بعد أن غاب عنها (٢) مدة.

﴿عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾ وهو وقتُ القائلةِ، وقيل: ما بين العِشاءَين، ويأباه قوله: ﴿اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ﴾.

وإنما قال: ﴿عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ﴾ لأنَّ الغفلةَ هي المقصودةُ، فصار هذا كما تقول: جئتُ على غفلةٍ، وإن شئتَ قلتَ: جئتُ على حينِ غفلةٍ، بخلاف ما إذا أضفتَ إلى ما ليس بمقصود، كما إذا قلت: جئتُ حينَ غروب الشمس.

قيل: لمَّا أُوتيَ موسى حكمًا وعلمًا، عابَ ما عليه قومُ فرعون، وفَشَا ذلك منه، فأخافوه فخافهم، فكان لا يدخل المدينة إلَّا خائفًا مستخفيًا.

﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ أحدهما سِبْطيٌّ والآخر قِبْطيٌّ، والإشارة إلى الحكاية، وفي عبارة العدوِّ نوع إشارة إلى ما نقلناه آنفًا.

﴿فَاسْتَغَاثَهُ﴾: فسأله أنْ يُغيثه بالإعانة، ولذلك عُدِّيَ بـ (على).

﴿الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى﴾، أي: دَفَع صدرَه بجُمْع كفِّه


(١) بفتح الميم وسكون العين، كذا قال ياقوت، وقال الشهاب الخفاجي في "الحاشية" (٧/ ٦٧): بضم الميم، وفتحُها وإن ذكره بعضهم لا يوثق به، والنون ساكنة، وهي ممنوعة من الصرف والمعروف فيها منوف. اهـ. وقال ياقوت: بينها وبين الفسطاط ثلاثة فراسخ، وبينها وبين عين شمس ستة فراسخ. انظر: "معجم البلدان" (٥/ ٢١٣).
(٢) في النسخ: "عنه"، والصواب المثبت.