للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لذلك المحظورِ باعث الإحجام لا باعث الإقدام، وإنَّما زيد (أنْ) للتأكيد والتقوية لمعنى الإرادة، والمقام يقتضيها، وذلك أنَّ إرادةَ البطشِ ليست على حقيقتها؛ لأنَّها لا تصلُح (١) لأنْ تكون سببًا للخوف، بل كناية عن بَسْط اليدِ نحو المقصود بالبطش، والتي يَتبعها الفعلُ ويرادفها إنَّما هي الإرادة البالغة إلى حدِّ العزم لا مطلق الإرادة.

﴿بِالَّذِي﴾، أي: بذلك القبطيِّ الذي ﴿هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا﴾: لموسى والسِّبطيِّ.

﴿قَالَ﴾ السِّبطيُّ لموسى وقد توهَّم أنه أراد أخذَه لا أخذَ القبطيِّ، حيث أَغلظ له في القول:

﴿يَامُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ﴾، أي: ما تريد.

﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا﴾ الجبَّار فعَّال، مِن جَبَرهُ على الأمرِ بمعنى: أَجبره، وهو الذي يُجبِر الناسَ على ما يريده.

﴿فِي الْأَرْضِ﴾؛ أي: أرض مصر.

﴿وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ﴾ بينَ الناس فتدفعَ التخاصُمَ بالذي هي أحسن، وكان قَتْل القبطيِّ بالأمسِ قد شاعَ ولكن خَفِيَ قاتلُه، فلمَّا أفشى على موسى عَلِم القبطيُّ أنَّ قاتلَه موسى، فأَخبر مَلَأَ فرعونَ، فهمُّوا بقتله، فخرج مؤمنٌ مِن آلِ فرعونَ وهو ابن عمِّه ليخبره كما قال:

(٢٠) - ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾.


(١) في (ف): "لا يصح".