للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لنا، روي أنَّها لما قالت: ﴿لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ كَرِهَ ذلك، وإنَّما أجابها لئلَّا يخيِّب قصدها؛ لأنَّ للقاصد حرمةً.

ولمَّا وضع شعيبٌ الطعامَ بين يديه امتنع، فقال شعيب : ألستَ جائعًا؟ فقال: بلى، ولكن أخاف أن يكون عِوَضًا ممَّا سقيتُ لهما، وإنَّا أهل بيتٍ لا نبيعُ ديننا بالدنيا، ولا نأخذُ على المعروف ثمنًا، فقال شعيب: هذه عادَتنا مع كلِّ مَن ينزل بنا، فأَكَلَ.

﴿فَلَمَّا جَاءَهُ﴾ الفاءُ فصيحةٌ، أي: أجابها موسى ، فلمَّا جاءَ أباهما ﴿وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ﴾ القصصُ مصدرٌ كالعَلَل (١) سُمِّي به المقصوص.

﴿قَالَ﴾ له: ﴿لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ إذ لا سلطانَ لفرعونَ بأرضنا.

* * *

(٢٦) - ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾.

﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا﴾ يعني: التي استدعته: ﴿يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ﴾ لرَعْي الغنم ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾: تعليل جامع يَجري مجرى الدليل على أَنَّه حقيقٌ بالاستئجار، وللمبالغة فيه جُعل ﴿خَيْرَ﴾ اسمًا لـ ﴿إِنَّ﴾، وذُكر الفعلُ بلفظ الماضي؛ للدلالة على أنَّه مجرَّب معروفٌ.

روي أنَّ شعيبًا قال لها: وما عِلْمك بقوَّته وأمانته؟ فذكَرَت إقلالَ الحَجَرِ، وأنَّه صوَّب رأسَه حتى بلغته، وأمرها بالمشي خَلْفه (٢).


(١) مصدر علَّ، وهو يأتي بمعنى: الشرب ثانيًا، أو الشرب بعد الشرب تباعًا. انظر: "القاموس" (مادة: علل).
(٢) رواه مطولًا الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٢٢٥) عن ابن عباس ، وفيه: ( … وأما =