للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ﴾؛ أي: المالَ ﴿عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾؛ أي: على استحقاقٍ لِمَا ديَّ مِن العلم الذي فَضَلتُ به الناس؛ وهو علم التوراة، أو علم الكيمياء، أو العلمُ بوجوهِ المكاسب؛ مِن التجارة والزراعة.

و ﴿عِنْدِي﴾ صفةُ لـ ﴿عِلْمٍ﴾، وزيادتُه لإفادته معنى الاختصاص له.

﴿أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا﴾ للمالِ، أو: أكثر جماعةً وعددًا، تعجُّب (١) وتوبيخ على اغتراره بقوَّته وكثرةِ ماله مع علمه بذلك (٢)؛ لأنَّه قَرَأه في التوراة، أو سمعه مِن حفَّاظ التواريخ، والواو للعطف على مقدَّر؛ أي: أَلم يَقرأ في التوراة، أو: أَلم يَسمع مِن الحفَّاظ، ولم يعلم .... إلخ، أو: ردٌّ لادِّعائه العلم وتعظُّمه [به] (٣) بنفي العلمِ المهمِّ عنه؛ أي: أَعنده مثلُ ذلك العلمِ الذي ادَّعى ولم يعلم هذا حتى يقيَ نفسَه مصارعَ الهالكين؟!

﴿وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ سؤالَ استعلامٍ، فإنَّه تعالى مطَّلع عليها، أو معاتبةٍ؛ فإنَّهم يُعذَّبون بها بغتةً، كأنَّه لمَّا هَدَّدَ بذِكْر إهلاكِ مَن قبله ممَّن كانوا أقوى منه وأَعتى، أكَّد ذلك بأنْ بيَّن أنَّه لم يكن مما (٤) يخصُّهم، بل اللّهُ مطَّلعٌ على ذنوب المجرمين كلِّهم يُعاقبهم عليها لا محالة.

* * *


(١) كذا في النسخ، والأولى أن يقال: (تعجيب). انظر: "تفسير البيضاوي" مع حاشية القونوي (١٤/ ٥٧٤). والمعنى: تعجيب للسامعين، فإن التعجب لا ينسب لله .
(٢) أي: بالإهلاك. انظر: "حاشية الشهاب" (٧/ ٨٧).
(٣) من "تفسير البيضاوي" (٤/ ١٨٥)، ووقع في النسخ: "وتعظيمه"، والمثبت من المصدر المذكور.
(٤) في النسخ: "ما"، والصواب المثبت. انظر: "حاشية القونوي على البيضاوي" (١٤/ ٥٧٥).