للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَمَا كَانَ﴾، فالفاءُ فصيحةٌ؛ للعطف والتفريع على محذوفٍ دلَّ على مفهومه الإجماليِّ مساقُ الكلام.

﴿لَهُ مِنْ فِئَةٍ﴾: أعوانٍ، مرَّ تفسيره على وجه التفصيل في سورة البقرة.

﴿يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ﴾ إنَّما ذكر امتناعَ نصرِه برفع عذابِ اللّه مع أنَّه معلومٌ؛ لأنَّ المرادَ بيانُ أنَّه لم يكن الأمر على ما قدَّره مِن امتناعه بحاشيته وجندِه، فإنَّ ذلك الذي غرَّه حتى تمرَّد في طغيانه، ثم أخبر أنَّه كما لم يكن له مَن يَنصُره، لم يكن هو أيضًا ممَّن ينتصر بنفسه؛ لضعفه عن ذلك.

* * *

(٨٢) - ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾.

﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ﴾: منزلته، لم يقل: مثلَ مكانه؛ اكتفاءً بما ذكره قبل هذا ﴿بِالْأَمْسِ﴾ استُعير لزمانٍ قريب ﴿يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ﴾؛ أي: صاروا يقول بعضُهم لبعضٍ: أَلَم تعلموا أنَّ اللّهَ.

﴿وَيْكَأَنَّ﴾ كلمةُ تقريرٍ معناها: أَمَا ترى، أَمَا تعلم، قاله الفراء (١).

وروي أنَّ أعرابيَّةً قالت لزوجها: أينَ ابنُكَ؟ قال: ويكأنه وراء البيت؛ أي: أَمَا ترَيْنَهُ؟

وقال قطرب: هما كلمتان؛ (ويك) بمعنى: ويلك، محذوف اللام، قال عنترة:


=في "المستدرك" (٣٥٣٦)، عن ابن عباس موقوفًا.
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٣١٢).