للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ ليس بمعطوف على ﴿يُبْدِئُ﴾، وليسَتِ الرُّؤيةُ واقعةً عليه، وإنَّما هو إخبارٌ على حِيالِه (١) بالإعادة بعدَ الموت، كما وقع النَّظرُ في قوله: ﴿كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ﴾ [العنكبوت: ٢٠] على البدء دون الإنشاء، بل هو معطوفٌ على جملة قوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ﴾.

﴿إِنَّ ذَلِكَ﴾؛ أي: لإعادةَ ﴿عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾: سهلٌ.

* * *

(٢٠) - ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

﴿قُل﴾ حكاية كلام اللَّه تعالى لإبراهيم : ﴿سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ﴾ على كثرتِهم واختلافِ أحوالِهم؛ لتعرفوا عجائبَ فِطرةِ اللّهِ تعالى في المشاهدَةِ، وبدأَ وأبدأَ بمعنى.

﴿ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ﴾ بعدَ النَّشأة الأولى التي هي الإبداء، فإنَّه والإعادةَ نشأتان من حيثُ إنَّ كلًّا اختراعٌ وإخراجٌ مِن العدمِ.

ولَمَّا كانَ المقصودُ مِن السِّياق الاستدلالُ مِن الابتداء على الإعادة، والدَّليلُ النَّفسي أقربُ وأوضحُ من الآفاقي، ذكرَ الرُّؤيةَ في الأوَّلِ والنَّظرَ في الثَّاني، وكانَ القياسُ أنْ يُقالَ: كيفَ بدأ اللَّه الخلقَ، ثم ينشئ النَّشأة الآخرة، وإنِّما قيل: ﴿كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ﴾ لأنَّ الكلامَ معَهم وقعَ (٢) في الإعادة،


(١) في (ك): "مثاله". والمثبت من باقي النسخ، وهو الموافق لما في "الكشاف" (٣/ ٤٤٨)، و "تفسير النسفي" (٢/ ٦٧٠).
(٢) "وقع" مكررة في (ك).