للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ قد مرَّ تفسيرُهما، والنَّهيُ مجازٌ عن المنعِ.

رُويَ: أنَّ فتًى مِن الأنصار كان يصلِّي معَ رسول اللَّه ولا يَدَعُ شيئًا من الفواحش إلَّا ركبَه، فوُصِفَ له فقال: "إنَّ صلاتَه ستنهاهُ"، فلم يلبَثْ أنْ تابَ (١).

﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾؛ أي: والصلاةُ أكبرُ مِن غيرِها مِن الطَّاعات، وإنَّما عبَّرَ عنها به لتستقلَّ بالتَّعليل، كأنَّه قالَ: والصَّلاةُ أكبرُ لأَنَّها ذِكرُ اللّهِ.

أو: لذكرُ اللّهِ (٢) إيَّاكم برحمته أكبرُ مِن ذكركِم إيَّاه بطاعتِه.

﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ منه ومن سائر الطَّاعاتِ، فيجازيكم بها أحسنَ المجازاة.

* * *

(٤٦) - ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾.

﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ أصلُ الجدالِ: شِدَّة الفَتْلِ (٣).


(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (٧/ ٢٨١)، و"الكشاف" (٣/ ٤٥٦)، و"المحرر الوجيز" (٤/ ٣٢٠)، وعزاه الثعلبي وابن عطية لرواية أنس ، لكن قال الحافظ في "الكاف الشاف" (ص: ١٢٨): (لم أجده). قلت: روى الإمام أحمد في "المسند" (٩٧٧٨)، وابن حبان في "صحيحه" (٢٥٦٠)، عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول اللَّه، إنَّ فلانًا يصفي باللَّيل، فإذا أصبحَ سرقَ، قال: "سينهاهُ ما تقولُ". ورجاله رجال الصحيح كما في "مجمع الزوائد" (٢/ ٢٥٨).
(٢) "ولذكر الله" زيادة من (ي).
(٣) قال الخازن في "تفسيره" (١/ ٥٩٥): "لأن كل واحد من الخصمين يريد أن يفتل صاحبه عما هو عليه".