للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٥٦) - ﴿يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾.

﴿يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ﴾؛ أي: إذا لم تتسهَّل العبادةُ في بلدةٍ، ولم يتيسَّرْ لكم إظهارُ دينِكُم، فهاجروا إلى حيثُ يتمشَّى لكم ذلك، والفاء في قوله:

﴿فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ جوابُ شرطٍ محذوفٌ؛ إذ المعنى: إنَّ أرضي واسعةٌ، إنْ لم تخلِصوا العبادةَ في أرضٍ فأخلِصوها في غيرها، ثمَّ حذفَ الشَّرطَ وعوَّضَ مِن حذفه تقديمَ المفعولِ، مع إفادة تقديمه معنى الاختصاص والإخلاص، ثمَّ شجَّع المهاجِرَ بقوله:

﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ ¶٢٩¶٥٧ <

(٥٧) - {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}.

{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}؛ أي: واجدةٌ مرارَته، كما يجدُ الذَّائق طعمَ المذوقِ؛ لأنَّها إذا تيقَّنَتْ (١) بالموت سهلَ عليها مفارقةُ وطنِها.

{ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} بعدَ الموتِ للثَّوابِ والعقاب، ومَن هذا عاقبتُه ينبغي أنْ يجتهدَ في الاستعداد له.

* * *

>

(٥٨ - ٥٩) - ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾.

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ﴾: لننزلنَّهم ﴿مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا﴾: علاليَ.

وقرئ: ﴿لَنُثْوينَّهم﴾ مِن الثَّواء (٢)، وهو النُّزولُ للإقامة، وثَوَى غيرُ متعدٍّ، فإذا


(١) في (م): "تيقن".
(٢) وهي قراءة حمزة والكسائي. انظر: "التيسير" (ص: ١٧٤).